اقرأ أيضاً

الثلاثاء، 31 يوليو 2018

طبيعة العلاقة بين روسيا ونظام الأسد


في بلد مكوّن من عشرات الطوائف والأعراق المتباينة، وحيث يتّسم الناس في كثير من المناطق بالراديكاليّة والعنصريّة ضد الغرباء أيّاً كانوا وحتّى بالفكر العشائري، لا يمكن لعائلة كعائلة الأسد أن تحكم بصورة ملكيّة وراثية شعب كالشعب السوري. 
أقول، حتّى تتمكّن هكذا عائلة من حكم شعب بهذه الصورة لا بدّ من مساعدة خارجيّة. هذه المساعدة تكمن في العمل التنظيمي والاستخباراتي وبناء الأجهزة والتدريب والاستشارة. هذه "الرعاية" تداولتها أكثر من يد في القرن الماضي، وهناك وثائق تدلّ على أنّها بدأت بالاستخبارات الفرنسيّة وكان للسي آي ايه دور جانبي قبل أن تنتهي أسوة بكثير من الدكتاتوريات المشابهة في المنطقة وغيرها من المناطق بيد الاستخبارات الروسيّة ذات الترسانة والباع الطويل في بناء أعتى الامبراطوريات الاستخباراتيّة وتدريبها والإشراف على حسن سيرها. هذه الاستخبارات التي طوّرها ستالين مركّزاً بشكل أساسي على كيفيّة حكم الجماهير، ليس فقط كأجساد بل كعقول عبر وزارات أنشأها ردّاً على وزارة البروباغندا التي كرّس لها هتلر كلّ إمكانيات ألمانيا أثناء الحرب العالميّة الثانية. من تبعات ظروف كهذه، أنّ العائلة والرئيس في هذه الحالة لا دور له في إدارة أيّ شيء. ففرصته في قول "لا" أو حتّى مجرّد التفكير بها تكاد تكون معدومة. وفي حالة الأسد، إذا كان الراعي قد تعهّد وضمن له مستقبله ومستقبل عائلته مهما كانت الأحداث على الأرض، فلماذا تفكّر عائلة كهذه حتّى مجرّد التفكير بقول "لا"؟ بغضّ النظر عن مدى جنون التعليمات، ليس لها أيّ مصلحة أو دافع لذلك، مسلّمين أنّ الأخلاقيّات لا دور لها، وهذا شيء لا حاجة إثباته هنا ولا معنى لمناقشته هنا.لم تكن الأزمة السورية في عام 2011 إلّا استنساخاً متعمّداً لما حدث في الثمانينات مع مضاعفة حجمها ومدّتها أضعافاً كثيرة.  خبراء الاستخبارات الروسيّة الذين عملوا في سوريا (وعلى سوريا) سنوات وجدوا في تجربة الثمانينات في سوريا "قصّة نجاح" يمكن استنساخها لنتائج أفضل. فهذه التجربة مكّنت نظام حافظ الأسد من السيطرة على بلد مثل سوريا (وحتى لبنان) لعقود من الزمن دون أيّ اعتراض يذكر. ونجاح هذه التجربة لن لن يقتصر على سوريّا بل سيتعدّاها إلى شعوب كثيرة بما فيها الشعب الإيراني والروسي نفسه، تلك الشعوب التي ستعاهد نفسها أن لا تكرّر خطأ أولئك "السوريّين المساكين"!

الكتاب متوفّر حالياً على موقع الأمازون باللغتين الألمانية والانكليزية يمكن مشاركته مع القراء بهاتين اللغتين
نعمل على توفيره بلغات أخرى



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق